تقارير وحوارات

من تطهير المؤسسات إلى كسر شبكات التجسس .. الأمن اليمني يكتب فصول السيادة في زمن الثورة

تقرير/

 

منذ اندلاع ثورة 21 سبتمبر 2014، شكّلت الجبهة الأمنية واحدة من أبرز ميادين المواجهة مع قوى الهيمنة والاستكبار العالمي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، فبينما كانت الأنظمة السابقة تتواطأ  مع العدو وتسهل تغلغل شبكات التجسس، جاء المسار الثوري ليعيد الاعتبار للسيادة الوطنية، ويخوض معركة كسر أدوات الاختراق الخارجي على مختلف الأصعدة.

في هذا السياق، حققت الأجهزة الأمنية خلال سنوات الثورة، سلسلة من الإنجازات النوعية في تفكيك خلايا تجسس مرتبطة بأجهزة مخابرات أمريكية وإسرائيلية وسعودية،  هذه العمليات لم تُسهم فقط في حماية الجبهة الداخلية، بل كشفت أيضًا عن مدى التغلغل الذي كانت تعانيه مؤسسات الدولة في العهد السابق، ومدى الخطر الذي كانت تمثله هذه الخلايا على القرار الوطني.

 

 الإنجازات الأمنية الملموسة

تفكيك العشرات من شبكات التجسس،  حيث تمكنت وزارة الداخلية، إلى جانب جهاز الأمن والمخابرات، بفضل الله تعالى من الكشف عن عشرات الشبكات التي كانت تعمل لصالح أجهزة استخبارات أجنبية، تتنوع مهامها بين رصد الأهداف العسكرية ونقل الإحداثيات لطائرات العدوان، وتجنيد عناصر داخل مؤسسات الدولة والإعلام لتوجيه الرأي العام، إدارة حملات تضليل وترويج الشائعات لزعزعة الجبهة الداخلية، وتنفيذ عمليات اغتيال أو تمهيد لها.

وتم عرض اعترافات موثّقة بالصوت والصورة لعدد من هؤلاء الجواسيس، ما شكل صدمة للرأي العام اليمني والإقليمي، خصوصًا بعد الكشف عن بعض الأسماء التي كانت تحظى بمكانة سياسية أو اجتماعية بارزة.

 

 استخدام تقنيات حديثة في التتبع والرصد

الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا النهضة الاستخباراتية والتقنية التي شهدها الجهاز الأمني بعد الثورة. فقد تم تطوير قدرات التنصت والتحليل الرقمي، والاستفادة من الكوادر الوطنية في مجال الأمن السيبراني، مما مكّن من اختراق شبكات تجسس معقدة كانت تتلقى توجيهاتها مباشرة من الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) والموساد.

 

 إحباط عمليات إرهابية كانت تستهدف قيادات ومؤسسات حيوية

العديد من العمليات الأمنية الاستباقية حالت دون تنفيذ مخططات إرهابية كان هدفها إحداث فوضى أمنية قبيل مناسبات وطنية أو دينية، ومن اللافت أن بعض هذه المخططات كانت مدعومة لوجستيًا من قبل سفارات دول أجنبية، وعلى رأسها الولايات المتحدة والسعودية والامارات، في مؤشر واضح على تورط استخباري مباشر.

 

رد الفعل الأمريكي .. مخاوف وقلق متصاعد

 مطالبات أمريكية بالإفراج عن الجواسيس،  في مشهد غير مسبوق، وجّهت الولايات المتحدة الأمريكية مطالبات رسمية وغير رسمية عبر وسطاء دوليين تدعو فيها حكومة صنعاء إلى “إطلاق سراح” بعض المعتقلين بتهم التجسس، معتبرة أن “احتجازهم يشكل خطرًا على سلامتهم الشخصية”، وهو ما فُهم على نطاق واسع كمحاولة للضغط والابتزاز السياسي.

حملات إعلامية موجهة لتشويه القضاء اليمني، واكبت تلك الضغوط حملات إعلامية عبر منصات أمريكية وغربية تصف محاكمات الجواسيس بأنها “غير عادلة”، وتحاول تصويرهم كـ”نشطاء” أو “مدنيين”، رغم وجود اعترافات موثّقة وقرائن مادية دامغة، وأطلقت العنان للمرتزقة لشن حملة في محاولة للتأثير على الرأي العام ولكن كل المحاولات فشلت .

 دلالات التدخل الأمريكي، هذه المطالبات الأمريكية تُعد اعترافًا ضمنيًا بالدور الاستخباراتي الذي كانت تمارسه واشنطن عبر أدواتها المحلية في اليمن، كما تعكس مدى الخسارة التي مُنيت بها المنظومة الاستخباراتية الغربية نتيجة للضربات الأمنية المركزة منذ ثورة 21 سبتمبر.

 

الأبعاد والدلالات الاستراتيجية

تكريس مفهوم السيادة الوطنية، أحد أبرز مكاسب الثورة تمثل في استعادة القرار الأمني من قبضة الوصاية، وهو ما ظهر جليًا في طريقة التعاطي الصارم مع ملفات الجواسيس والعملاء، بعيدًا عن أي مجاملات دبلوماسية أو تسويات سياسية.

 ترسيخ الردع الأمني تجاه الاختراقات الخارجية، حيث أثبتت الإنجازات الأمنية أن اليمن بات اليوم أكثر قدرة على حماية جبهته الداخلية، وأنه لم يعد ساحة مفتوحة للاستخبارات الإقليمية والدولية، كما كان الحال في السابق.

تصدير نموذج أمني مقاوم في المنطقة، النجاح الأمني اليمني أصبح محط أنظار الحركات التحررية والمقاومة في المنطقة، حيث ينظر الكثيرون إلى التجربة اليمنية باعتبارها نموذجًا يمكن الاستفادة منه في مواجهة أدوات الاختراق الأمريكي والإسرائيلي.

 

خاتمة

ما تحقق على الصعيد الأمني منذ ثورة 21 سبتمبر هو ثمرة الوعي الشعبي والقيادة الثورية والسياسية الصلبة التي جعلت من استقلال القرار الأمني والسياسي أولوية وطنية، واليوم، بينما تتصاعد الضغوط الأمريكية، فإن الرد اليمني الحازم يؤكد أن زمن الوصاية قد ولى، وأن مسار التحرر والسيادة بات خيارًا لا رجعة فيه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يمانيون

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى