دلالات قرآنية هامة في دروس وخطابات السيد القائد .. مشروع إيماني يعيد تشكيل وعي الأمة نحو الثقة بالله ورفض التبعية للطغاة

تقرير/
تمثّل دروس ومحاضرات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ، واحدة من أبرز المدارس القرآنية المعاصرة في ساحة الوعي الإسلامي، حيث تتسم خطاباته بروح إيمانية عالية تربط الواقع بالمفاهيم القرآنية، وتعيد صياغة العلاقة بين الإنسان وبين الله سبحانه وتعالى، على أساس الثقة به والتوكل عليه، والتولي، والاعتصام بالهداية الإلهية، وفي زمن تتنازع فيه الأفكار والمشاريع، يبرز المشروع القرآني الذي يقدّمه السيد القائد كمنهج متكامل يسعى إلى إعادة الإنسان إلى موقعه الطبيعي، عبداً لله، حراً من هيمنة الطغاة، متصلاً بالقرآن كمصدر للهداية وللثقة والقوة والتمكين، هذا التقرير يستعرض أهم الأبعاد والدلالات القرآنية في دروس السيد القائد، وكيفية تأثيرها في الواقع الاجتماعي والفكري اليمني، وفي تشكيل رؤية الأمة تجاه التحديات المعاصرة.
إعادة مركزية القرآن الكريم في الوعي اليومي
إحدى أهم الموجهات في دروس وخطابات السيد القائد هي تركيزه الدائم على القرآن الكريم كمصدر أول للهداية وللفهم والوعي والتحرك، وهو ما يتجلى في محاور متعددة أهمها، أن القرآن الكريم مرجع للموقف قبل أن يكون مجرد تلاوة، ولا يكتفي السيد القائد بالدعوة إلى قراءة القرآن فقط، بل يشدد على العمل بمقتضى التوجيهات الإلهية في الواقع، فالموقف السياسي، والسلوك الاجتماعي، والوعي بالعدو، جميعها يجب أن تستند إلى القرآن الكريم ، وبهذا يرسّخ السيد القائد فكرة أن القرآن الكريم خارطة حركة للحياة.
كما يركز السيد القائد على أن الهداية ليست في الغرب ولا في المشاريع المادية الأجنبية، بل في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهذا يرسخ لدى الناس شعوراً بأن المصدر الحقيقي للمعرفة والنجاة والنهضة هو القرآن.
وفي خطاباته، يبرز السيد القائد القرآن الكريم كدرع ضد حملات التضليل الإعلامي والسياسي التي تستهدف الأمة، فالنظر القرآني يمنح الإنسان قدرة على تمييز الحق من الباطل، وبالتالي مواجهة القوى التي تحاول السيطرة عبر المعلومات المزيّفة.
يقول السيد القائد : ((وهداية القرآن هي هداية واسعة، وشاملة، وراقيةٌ جداً، كما قال الله عنه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء: من الآية9]، فهو يرسم لنا في مسيرتنا في الحياة الأقوم في كل شيء، والأرقى في كل شيء، في كل مجال من المجالات، وشرف المسلمين وعزتهم مرتبطٌ بالقرآن الكريم، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}[الزخرف: الآية44]، وهو في الأساس كتابٌ لإنقاذ البشرية، المؤمنون يهتدون به، وإيمانهم يعزز صلتهم به للاهتداء به، ولكنه في الأساس كتابٌ لإنقاذ كل البشرية، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” مخاطباً لنبيه “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، فيقول: {لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم: من الآية1].)) .
تعزيز الثقة بالله بوصفها أساس القوة
تظهر في دروس وخطابات السيد القائد عناية فائقة ببناء الثقة بالله في وجدان الناس، ويركز مراراً على أن النصر والتمكين لا يتحققان بالماديات وحدها، بل بالإيمان الصادق الذي يفعّل طاقات الأمة، والتذكير بأن الله هو مصدر العزة، حيث يربط السيد القائد بين الثقة بالله وبين التحرر من الخوف، مؤكداً أن العزة لا يمنحها الغرب ولا القوى الكبرى، بل يمنحها الله لمن يتولاه.
هذه الفكرة على بساطتها تتحول إلى محرّك نفسي قوي يعيد تشكيل روح المجتمع.
كما يركز السيد القائد على أن التوكل لا يعني ترك الأسباب، بل الجمع بين الثقة بالله والأخذ بالأسباب، وبهذا المزج، يتحول الإيمان من مفهوم وعظي إلى قوة تحرك المجتمع وتنهض به.
وفي رؤيته القرآنية، فإن النصر في واقع الموجهات القرآنية التي يقدمها السيد القائد ليس مسألة عشوائية، بل وعد إلهي لمن ينصر الله، ويقيم العدل، ويقف في وجه الباطل. وهذا يخلق مسؤولية أخلاقية لدى الناس نحو الالتزام بأوامر الله كطريق للتمكين.
التولي الصادق مفهوم قرآني يعيد ضبط البوصلة
من أبرز ما يطرحه السيد القائد هو مفهوم الولاية في سياق الارتباط الروحي والعملي بالله ورسوله وأوليائه، باعتباره شرطاً أساسياً للهداية، حيث يشدد السيد القائد على أن التولي لله يعني الولاء للمنهج الإلهي في السلوك، الموقف، التضحية، والالتزام بالقيم، والتولي هنا يتحول إلى هُوية لا إلى مجرد انتماء لفظي.
كما يربط السيد القائد بين التولي والصمود، فحين يرتبط الإنسان بالله، لا تهزه التهديدات ولا الضغوط السياسية أو الاقتصادية.
إنه ارتباط يولّد ثباتاً داخلياً ومناعة روحية، ومن خلال تعزيز هذا المفهوم، تتشكل في الوعي الجماعي حالة من الوحدة والانسجام حول القيم القرآنية، ما ينتج مجتمعاً أكثر قدرة على مواجهة الأخطار.
رفض الولاء للطغاة .. خطاب قرآني يحفظ استقلال الأمة
ترتكز دورس وخطابات السيد القائد على تصنيف قرآني واضح للولاء، إذ يرفض القرآن الكريم أن يتولى المؤمن أعداء الله، أو يتحالف معهم على حساب الأمة، يربط السيد القائد بين ما يحدث اليوم وما ورد في كتاب الله، حيث يصنف الطغاة والمستكبرون بأوصاف تنطبق على دول الاستكبار وفي مقدمتها أمريكا وإسرائيل، التي تمارس التدخلات، والعدوان، والسيطرة على الشعوب.
هذا يمنح الناس وضوحاً في رؤية الصراع.
وفي خطاباته، يظهر أن الولاء لأعداء الأمة يعني الانخراط في مشاريع تؤدي إلى التبعية، والاستضعاف، وفقدان القرار السيادي.
بينما الولاء لله يستعيد حرية القرار وكرامة الأمة.
ويرسخ السيد القائد فكرة أن موقف المؤمن لا يخضع لتوازنات القوى أو المصالح الآنية، بل ينطلق من مبدأ قرآني ثابت يرفض الخضوع للمستكبرين مهما امتلكوا من قوة أو نفوذ.
يقول السيد القائد يحفظه الله : (( والقرآن الكريم هو الذي يحصِّن المجتمع البشري، ويحصِّن المؤمنين، ويبني ولاءاتهم على أساسٍ من القيم والمبادئ، المبادئ التي هي حق، المبادئ الإلهية العظيمة، وهذا يزعج قوى الطاغوت، وقوى الكفر؛ لأنهم يريدون أن يتجهوا بالمجتمع ليكون متقبِّلاً لهم إلى درجة أن يواليهم، ثم يتقبَّل ما يأتون به)) .
أثر الخطاب القرآني في المجتمع اليمني
استطاعت دروس ومحاضرات السيد القائد أن تخلق حالة وعي جديدة تتجلى بوضوح في الحياة اليومية، من ارتفاع مستوى الثقافة القرآنية، وحضور القيم الإيمانية، وازدياد الثقة بقدرة الأمة على المواجهة والصمود، وتحوّل القرآن إلى مرجع عملي للناس في مواقفهم، وبناء روح جماعية تربط بين الإيمان والهوية والحرية.
وقد ساهم هذا الإحياء القرآني في تثبيت مفهوم المقاومة كقيمة روحية قبل أن تكون موقفاً سياسياً.
ختاماً
دروس وخطابات السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ، ليست مجرد مواعظ دينية، بل مشروع قرآني متكامل يعيد توجيه الوعي نحو الله، وتعزيز الثقة به، وترسيخ التولي الصحيح، وبناء حصانة داخلية في مواجهة الطغيان، ورفض الولاء للمستكبرين، وإحياء معنى العزة القرآنية في الأمة.
إنها مدرسة إيمانية ترى أن القوة الحقيقية تبدأ من الهداية الربانية، وأن الأمة التي تتصل بالله وكتابه لا يمكن أن تُهزم مهما واجهت من تحديات.
نقلا عن موقع يمانيون




