تقارير وحوارات

أزمة المشتقات النفطية تهدد الاقتصاد اليمني بالمزيد من الانهيار

يوماً بعد آخر، تتفاقم أزمة الوقود في العاصمة صنعاء والمحافظات الواقعة في نطاق سلطة حكومة الإنقاذ، منذ بدء احتجاز التحالف سفن الوقود في منتصف يونيو الجاري، لتغدو تأثيراتها على الأوضاع الاقتصادية والأمن الغذائي والمعيشي للشعب اليمني أكثر إيلاماً من سابقاتها، لما ترتب عليها من ارتفاع في أسعار الكهرباء والمياه، وكذا أجور النقل والسلع الغذائية والاستهلاكية، بالإضافة إلى ما نتج عنها من ارتفاع في معدلات الفقر والبطالة.

 

ألقت أزمة الوقود بظلالها الخطيرة على الحياة العامة وأصابتها بالشلل، واضطرت المصانع لخفض إنتاجها، فيما فقد المواطنون الكثير من أعمالهم ومصادر دخلهم، لاسيما العاملين في مجال النقل وعلى سيارات الأجرة، كما أصبحت الكثير من المزارع والمحاصيل مهددة بالجفاف.

 

يؤكد الكثير من المواطنين القدرة على تحمل أزمة الوقود وتجاوز تداعياتها المباشرة عليهم، لكن الأمر يختلف بالنسبة إلى المياه، التي لا يمكن الاستغناء عنها باعتبارها من ضرورات الحياة اليومية.

 

ونظراً لاستمرار الأزمة عاودت أسعار الكهرباء التجارية الارتفاع لتصل ما بين 250 إلى 300 ريال للكيلو/ وات الواحد، بينما ارتفع سعر صهريج المياه، وبزيادة تصل إلى 50 بالمائة عما كانت عليه في شهر مايو الفائت.

ومنذ بداية الحرب على اليمن، انقطعت الكهرباء العامة عن غالبية المحافظات اليمنية، وحرم منها نحو 80 بالمائة من المواطنين، غير أن أسباب غيابها تكمن في تعطيل محطة مارب الغازية لصالح صفقات الطاقة المشتراة التي تشرف عليها حكومة هادي، على الرغم من الخسائر الكبيرة المترتبة عليها.

وفي مقابل انقطاع الكهرباء العامة انتشرت الكهرباء التجارية عالية التكلفة في كثير من المحافظات اليمنية، على الرغم من ارتفاع سعرها إلى 300 ريال للكيلو/وات مقارنة بنحو 6 ريالات لنظيرتها الحكومية قبل اندلاع الحرب، عدا عن رسوم الاشتراك الأسبوعية التي تدفع للتجار خارج الاستهلاك.

وبالرغم من ارتفاع سعر الكهرباء التجارية إلا أنها غطت نسبة كبيرة من الطلب على هذه الخدمة في صنعاء والمحافظات التي تديرها حكومة الإنقاذ، فيما تعاني المحافظات الأخرى انعدام ومحدودية الكهرباء التجارية فيها.

 

ومع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، وخصوصاً في المناطق الساحلية، تتضاعف احتياجات المواطنين للخدمات العامة مثل الكهرباء والمياه، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية قد تشهدها بعض المحافظات والمناطق التي تعاني من تردي الخدمات الأساسية وغيابها.

 

تتصدر محافظة تعز قائمة المحافظات الأكثر اختناقاً بالأزمات الخدمية، وخصوصاً في الكهرباء والمياه، حيث يتراوح سعر صهريج المياه بين 15 و20 ألف ريال، بزيادة تصل نسبتها إلى 185 بالمائة، تليها صنعاء ثم الحديدة نتيجة أزمة الوقود، ما يجعلها غير متاحة لكثير من الأسر بسبب ارتفاع أسعارها بشكل مضاعف.

 

في غضون ذلك تعيش محافظة عدن أزمة خدمات مستفحلة منذ أشهر طويلة، لكنها تحولت في الآونة الأخيرة إلى وسيلة للصراع بين الانتقالي وحكومة هادي لتلقي بثقلها على الجوانب المعيشية للمواطنين، بعد أن تجاوزت حدود الوقود والكهرباء إلى المياه وغيرها من الخدمات.

يتساءل الكثير من المواطنين في عدن عن الأسباب التي جلبت كل هذه المعاناة إليهم، خصوصاً أن سفن الوقود المحتجزة لدى قوات التحالف ألقت بظلالها السلبية على ما تبقى من خدمات عامة في صنعاء والمحافظات التابعة لحكومتها، فمن أين برزت كل هذه الأزمات في المحافظات الجنوبية والخاضعة للتحالف وحكومة هادي؟

يؤكد خبراء اقتصاديون أن أزمة المشتقات النفطية باتت أكثر خطورة وتأثيراً على اليمنيين لارتباطها الكبير بالجوانب الاقتصادية والمعيشية، وتنذر بالقضاء على ما تبقى من خدمات ومقومات معيشية، خصوصاً أنها تزامنت مع انتشار فيروس كورونا وما يتطلبه من زيادة حاجة المواطنين للمياه والنظافة والخدمات الصحية.

 

ويرى الخبراء أن لجوء التحالف إلى ورقة المشتقات النفطية سيدخل الشعب اليمني في منعطف خطير وأزمات إنسانية كارثية تجعل ملايين اليمنيين فريسة للمجاعة والأمراض والأوبئة المتفشية، على اعتبار أن انعدام الوقود من العوامل الرئيسة لاتساع البطالة وانتشار المجاعة والأوبئة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة