اليمن منطلقًا لنصرة الأمة

خلود سفيان
من هنا، من يمن الإيمان والحكمة، يصدح صوت الحق مدويًا، يخرق جدار الصمت الذي لفَّ العالم. في زمنٍ تكممت فيه الأفواه وتخاذلت فيه المواقف، وقف اليمن شامخًا كجبل لا تهزه الريح. لم يكن موقفه مجرد ردة فعل عابرة، بل هو قرار تاريخي نابع من إيمان راسخ بعدالة القضية. إنه موقف شعبٍ اختار أن يكسر قيود التردد ليقف مع مظلومية الشعب الفلسطيني بكل ما يملك.
لقد مضى اليمن بقائده الملهم الذي وحَّد الكلمة ورسم خارطة الطريق، وبجيشه الباسل الذي أثبت ولاءه في ساحات الشرف، وبأبناء شعبه الأوفياء الذين لبّوا النداء في مسيرة العز نحو القدس. لم تكن هذه الرحلة سهلة، بل كانت دربًا من التضحيات والصمود، وشموخًا وعزمًا يمانيًا. ها هو اليمن دفع بخيرة شبابه الأطهار الذين استقبلوا الموت بابتسامة الشهادة، ليقدمهم شهداء على طريق القدس، وليكتب بدمائهم الطاهرة أروع ملاحم البطولة والفداء. لقد أثبتوا أن الشهادة ليست نهاية، بل بداية لحياة خالدة، وأن أرواحهم الطاهرة هي النور الذي سيضيء درب النصر.
لم تثنهم الضربات الغاشمة والتهديدات، بل كانت وقودًا يزيدهم إصرارًا وعزيمة. لقد أظهر اليمن للعالم أجمع أن الإيمان أقوى من السلاح، وأن الحق لا يمكن أن يُهزم مهما كانت قوة الباطل، فالموقف المبدئي ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو فعلٌ يمارس ويُضحّى من أجله. وها هي الدماء تختلط، فدماء شهدائنا اليوم تمتزج بدماء أهلنا في غزة، لتشكل جسرًا من التلاحم المقدس، وتعلن للعالم أن هذه القضية هي قضية الأمة جمعاء، وأن الجغرافيا وإن كانت بعيدة لا يمكن أن تُقسم الأجساد الموحدة بالإيمان. إنها قضية شعب يمني آمن بأن دمه ليس أغلى من دم أخيه في غزة.
وفي خضم هذا الصراع بين الحق والباطل، يأتي دور القوات المسلحة اليمنية لتكون اليد التي تشفي صدور قوم مؤمنين، ولتهز عروش الطغيان، ولتحوّل مناطق الاحتلال إلى أرض غير آمنة، ليُصبح فيها المأوى الوحيد للمعتدين هو الملاجئ المظلمة. لقد أدرك العدو أن اليمن لم يعد صيدًا سهلًا، بل أصبح قوة رادعة وضاربة في المنطقة، قادرة على قلب الموازين وتغيير المعادلات.
إن النصر قادم لا محالة، هذا هو وعد الله. وفي النهاية، ستُرمغ أنوف المعتدين في وحل الهزيمة، لأنهم لم يدركوا أن إرادة شعب آمن بقضيته لا يمكن أن تُقهر، وأن الحق سينتصر، وأن اليمن لم يقف متفرجًا كبقية الدول والشعوب، بل كان جزءًا فاعلًا في صناعة النصر، ليُثبت للعالم أن الإيمان بالله والحكمة هما القوة الحقيقية التي لا تُقهر.