المقالات

“السابع من أكتوبر” المجيد

 

إبراهيم محمد الهمداني

كان يوم السابع من أكتوبر عام 2023م، هو اليوم التالي لنكبة 1948/5/15م، الذي كان مقداره 75سنة، من الإجرام والتوحش والقتل والتهجير القسري، والمزيد من الاحتلال والإبادة  والتدمير، الذي ملأ تاريخ كيان العدو الإسرائيلي الغاصب، وأكسبه فاعلية إحلالية، قائمة على هدم الوجود الفلسطيني المتأصل، وبناء الوجود الإسرائيلي الطارئ الدخيل على أنقاضه، كما أكسبه ممكنات البقاء والاستمرار التراكمية، لمدة 75 عاماً، شكلت حيوية تاريخية، من خلال بناء متوالية الأحداث الإجرامية، في مسارها التصاعدي القائم على محو الآخر مطلقاً، في ضل ضعف داخلي فلسطيني، وخذلان عربي وإسلامي، وتآمُر وتواطؤ دولي عالمي، ولذلك لا غرابة أن أصبح يوم النكبة، خمسة وسبعين عاماً مما تعدون، من المعاناة والموت والدمار، والفناء المحتوم، الذي طالما تجرعة الفلسطيني بالجملة والتقسيط، على امتداد أرضه المحتلة.
تحرر الوعي الجمعي الفلسطيني، في السابع من أكتوبر، من هيمنة «ذكرىٰ» النكبة، في سرديتها الماضوية، التي كبلته لعقود من الزمن، وكانت عملية طوفان الأقصى، هي اللحظة الفارقة العظمى، التي استطاع – من خلالها – الوعي الجهادي المقاوم صناعة واقعه، خارج سياق فعل النكبة المستمر، متجاوزا مخاطر الاستسلام وعدم التحرك، والركون إلى المفاوضات والوساطات، واستجداء الحلول من عدو مستكبر، بلغ منتهى التوحش والإجرام، وأمام تلك الخطورات الواقعية المتصاعدة، أدرك الفلسطيني الحر، ضرورة التحرك الفوري والمواجهة، انطلاقاً من مبدأ الجهاد في سبيل الله تعالى، وضرورة إيقاف تداعيات يوم النكبة المزمنة، التي أوغلت في انتهاك واستباحة الأرض والدم الفلسطيني، ليكون يوم السابع من أكتوبر، هو اليوم التالي ليوم النكبة، القاطع لتداعياتها الماحي لمأساتها، ويكون طوفان الأقصى، هو صوت وقوة صاحب الحق والأرض، في مواجهة جرائم النكبة، وتوحش المحتل الغاصب الدخيل الطارئ، وهكذا تحولت موازين القوى على الأرض، واستطاع المجاهد الفلسطيني، تحريك عجلة التاريخ حاضراً ومستقبلاً، لتكتظ صفحات تاريخه، بتفاصيل معركة مصيرية، على مدى عامين، وما زالت مفتوحة زمنيا ومكانيا، بأروع البطولات وأسمى التضحيات وأعظم الانتصارات، التي أذهلت العالم بأسره، وجعلته يقف مدهوشا، أمام أساطير لا نهائية، ماثلة أمام عينيه فعلاً.
في المقابل وقفت قوة الكيان الإسرائيلي، المسنودة بأقوى وأحدث وأفتك ترسانةعسكرية، على مستوى العالم، ممثلة الإسناد الأمريكي الأوروبي لإسرائيل، عاجزه حائرة مهزومة كسيرة، أمام ثلة من المجاهدين من أبطال غزة، الذين ثبتوا ثبات الجبال الرواسي، وحققوا أعظم الانتصارات، وأسقطوا أكبر الرهانات الإستعمارية، وهزموا أعتى القوى الإمبريالية، وعلى مدى عام وسبعة أشهر، لم تستطع تلك القوى الكبرى مجتمعة، تجاوز يوم السابع من أكتوبر المشبع بهزيمتها المخزية، كما عجزت جرائم الإبادة المهولة، عن إخلاء غزة من أهلها، وفشلت خطط المؤامرات والمفاوضات عن تحقيق أي مكسب، وسقط حلفاء الإجرام الأمريكي الإسرائيلي والأوروبي، وحلفاؤهم وعملاؤهم في المنطقة، تحت أقدام مجاهدي الفصائل الثابتين، وأهالي غزة الصابرين، وهكذا انتصر طوفان غزة ومحور الجهاد وقوى الإسناد، مكرساً معادلات جديدة على الأرض، تصب كلها في حتمية زوال الكيان ورعاته، وتحقيق مصداق الوعد الإلهي، الذي لن يتخلف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى