اليمن.. معركة تحسين شروط التفاوض وليس الحسم
رغم ارتفاع وتيرة المواجهات في اليمن إلا أن الطرفين يدركان جيدا استحالة تحقيق حسم عسكري، لكنهما يسعيان لتحقيق مكاسب على الأرض تعزز من الموقف التفاوضي.
ولهذا استمرت الاتصالات السياسية من أجل عودة المفاوضات والتوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة.
فمنذ أسبوع يواصل مساعدو المبعوث الدولي الخاص باليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد لقاءاتهم في صنعاء مع ممثلين عن الحوثيين والرئيس السابق لوضع آلية تنفيذية لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 في حين استمرت اللقاءات الدولية والإقليمية مع الجانب الحكومي في الرياض ودوّل التحالف لتقريب وجهات نظر الجانبين قبل انعقاد جولة جديدة من المفاوضات.
الغارات المتواصلة لطائرات التحالف الذي تقوده السعودية والمواجهات في حجة وتعز ومأرب والجوف والبيضاء والضالع ليست سوى محاولات من كل طرف لتحقيق إنجاز عسكري يساعد على فرض شروطه على طاولة المفاوضات، والحوثيون وقوات الرئيس السابق يعرفون أن ليس بوسعهم الانتصار على القوات الحكومية والتحالف، كما يدرك التحالف والجانب الحكومي وبعد عشرة أشهر من الحرب أن مسألة هزيمة الطرف الآخر وإجباره على الاستسلام غير ممكنة.
عادل الشجاع القيادي في حزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه الرئيس السابق كان أكثر وضوحا في كشف مطالب هذا الحزب وأكد أنهم يبحثون عن صيغة تقدم إلى مجلس الأمن تنص على وقف الحرب وتشكيل لجان رقابة ميدانية واختيار قيادة عسكرية متوافق عليها تتولى نزع أسلحة المليشيات التابعة لجميع الأطراف وتشكيل حكومة وحدة وطنية تدير البلاد.
هذا الإعلان تضمن أيضا إقرارا بأن كل الأطراف أنهكت وأنه لم يعد بمقدورها الاستمرار في الحرب، لكنه كشف أيضا عن مشكلة رئيسية تواجهها الأمم المتحدة في إنجاح مفاوضات السلام اليمنية وهي العقوبات الدولية المفروضة على الرئيس السابق ونجله وزعيم الحوثيين وأخيه والقائد الميداني للجماعة.
طوال المحادثات السابقة ومنذ ستة أشهر طرح رفع العقوبات عن الرئيس السابق ونجله كشرط لنجاح محادثات السلام، ولهذا وجهت اتهامات للرجل بأنه وراء التصعيد العسكري ووراء إطلاق الصواريخ الباليستية على الأراضي السعودية من أجل إجبار الرياض على القبول بهذا الأمر باعتبارها أكثر الأطراف تشددا حيال الرئيس السابق واتهمت مرارا بالسعي لقتله خلافا للرؤية الإماراتية التي تقوم على قاعدة أن ضمان مخرج مشرف للرئيس السابق سيؤدي إلى تراجع الحوثيين ومن ثم إبرام اتفاق لإنهاء الحرب.
عقب الجولة الثانية من محادثات السلام التي عقدت في سويسرا وظهر خلالها أن الاتفاق على إنهاء الحرب كان أقرب من كل وقت مضى خرج الرئيس السابق مهددا السعودية بأن الحرب لم تبدأ بعد ورفض الذهاب للجولة المقررة من المحادثات في منتصف الشهر الجاري بل وقال إن أي حوار سيكون مع الرياض وليس مع الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، وقبلها كانت الهجمات المتواصلة على الأراضي السعودية قد تصاعدت بشكل غير مسبوق وهو ما فسر لدى المتابعين بأنها تأكيد لرؤية الرئيس السابق التي ترتكز على قاعدة أن دخول الأراضي السعودية سيجبر الرياض وحلفاءها المحليين على وقف الحرب وتتنازل عن الشروط التي تضمنها قرار مجلس الأمن.
طوال الأسبوع الماضي التقت الحكومة اليمنية بسفراء عدد من الدول الغربية والأمين العام للأمم المتحدة وكل هؤلاء طالبوا بهدنة طويلة الأمد ومرونة في التعامل مع تنفيذ قرار مجلس الأمن، وخلال الأيام القادمة سيواصل الجانبان الحكومي والحوثيون والرئيس السابق تصعيد العمليات العسكرية على أمل الوصول إلى مكاسب تؤدي في النهاية إلى اتفاق سلام.
محمد الأحمد