الجاهزية العسكرية والإستراتيجية على أتم الاستعداد للجولة المقبلة

زين العابدين عثمان*
شكّل خطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله تعالى- في مناسبة جمعة رجب، محطة مفصلية في توصيف ما ستؤول إليه المرحلة القادمة، خصوصاً فيما يتعلق بحتمية عودة المواجهة ضد معسكر الشر والطغيان الأمريكي الصهيوني، باعتبارها مساراً مؤكداً ستفرضه طبيعة الصراع وتراكماته، وليست مجرد احتمالات مرتبطة بتطورات ظرفية.
وتؤكد المعطيات عسكرياً واستراتيجياً، بما لا يدع مجالاً للشك، أن كيان العدو الإسرائيلي، ومن خلفه أمريكا، لا يتحركان في اتجاه السلام، بل يوظفان فترات خفض التصعيد – ولا سيما في قطاع غزة – كمساحات زمنية لإعادة التموضع وترميم نقاط الفشل التي تعرضا لها، وصولاً إلى التحضير لجولات عدوانية إقليمية أوسع، يكون اليمن في صلب حساباتها.
ومن منظور استراتيجي، فإن هذه التحركات، بقدر وضوحها، تعكس مأزق العدو أكثر مما تعكس قوته؛ إذ بات غير قادر على فرض أي إنجاز عملي، فلجأ إلى إدارة الصراع وتدويره على أمل التقاط أنفاسه وترميم انكساره الاستراتيجي في الجولات السابقة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا الرهان يصطدم اليوم بواقع جديد يتمثل في صعود جبهات محور المقاومة، وفي مقدمتها شعبنا اليمني وقواتنا المسلحة، التي استطاعت -بفضل الله تعالى- خلال جولات المواجهة، خصوصاً معركة الإسناد، أن تنتقل من موقع التأثير المحدود إلى موقع الفعل الاستراتيجي الشامل في المواجهة الإقليمية.
وبهذا الخصوص نؤكد من جديد أن التهديدات التي أطلقها مجرم الحرب نتنياهو مؤخراً ضد بلدنا ليست سوى تحصيل حاصل لمخطط كيان العدو الإسرائيلي والأمريكي، الذي لم يتوقف عن التحضير والاستعداد لاستئناف الحرب، مع فارق أنه يسعى خلال الجولة القادمة إلى توريط وكلائه من الأنظمة الخليجية العميلة كالسعودية والإمارات ومرتزقتها في الداخل، واستخدامهم كأدوات ورأس حرب في عملياته العدوانية القادمة ضد شعبنا اليمني. فهناك توسع واضح لدائرة التعاون والتنسيق بين كيان العدو وهذه الأنظمة، ومحاولة دمج الإمكانات والموارد العسكرية والتسليحية والاستخباراتية والاقتصادية المشتركة لتكون تحت قيادة وإدارة حكومة العدو الإسرائيلي والأمريكي، وتوظيفها بما يخدم السيناريوهات المرسومة.
ويتعامل اليمن أمام توجهات الأعداء من موقع الثقة المستندة إلى الله تعالى، وإلى واقع ميداني وقدرات تراكمت عبر سنوات من الصمود والمواجهة، فتبنّي القيادة، ممثلة بالسيد القائد حفظه الله، لحتمية المواجهة والاستمرار في الإعداد للحرب، لم يكن موقفاً تقديرياً للحسابات، بل رؤية دقيقة ببعد قرآني لتوصيف الأحداث وطبيعة الصراع، ومنظومة متكاملة من الموجهات الاستراتيجية العملية نحو البناء والتطوير ورفع الجاهزية الشاملة التي تتطلبها الجولة القادمة حرفياً.
لذا، ما يميز موقفنا اليوم هو امتلاك رؤية واضحة، وتنويع مصادر القوة، وعدم الارتهان لنمط واحد من الإمكانات، حيث وصل شعبنا وقواتنا المسلحة -بفضل الله تعالى- إلى مستوى متقدم من الوعي والنفير والجهوزية القتالية، بما يتيح التعامل مع طيف واسع من السيناريوهات بخبرة واستعداد، وترسانة ضاربة بحرية وبرية وجوية أكثر تطوراً.
لن تكون المرحلة المقبلة تكراراً للماضي، فاليمن اليوم أقوى وأكثر تماسكاً، ولديه خيارات كبرى للقتال ورؤية واضحة، ليس فقط في الإعداد بل وفي إدارة الحرب بكل أبعادها تكتيكياً واستراتيجياً؛ لذا سيبقى الميدان هو الفيصل، وسيكشف حجم المفاجآت والتحولات التي ستحدث -بعون الله تعال، فما بعد هذه المرحلة لن يكون كما قبلها، لا في حسابات العدو، ولا في موازين القوة على مستوى المنطقة بأسرها.
* خبير عسكري
المسيرة نت




