انطلاق المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء بمشاركة عربية وإسلامية واسعة

بدأت في صنعاء، أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم بحضور علمائي وأكاديمي وثقافي واسع، ومشاركة من داخل اليمن وخارجه.
يهدف المؤتمر الذي تنظمه الجمعية الخيرية لتعليم القرآن الكريم على مدى ثلاثة أيام، إلى استقراء شخصية الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، من خلال القرآن الكريم، والاستفادة منها في الواقع المعاصر، وترسيخ المنهج النبوي القرآني في وعي الأمة وسلوكها، وتعزيز الارتباط العملي بالنبي كقائد وقدوة، وتوجيه الأمة نحو نصرة القضية الفلسطينية، وتعزيز النموذج النبوي في مواجهة اليهود وقوى الاستكبار.
كما يهدف المؤتمر الذي يشارك فيه باحثون وعلماء وأكاديميون من أكثر من 30 دولة إلى استنهاض الأمة وتعزيز صمود الجبهة الداخلية للمجتمعات الإسلامية للدفاع عن الرسول الأعظم وعن المقدسات، وتحقيق التقارب بين النخب الإسلامية وفق رؤية قرآنية لمواجهة التحديات المشتركة التي تواجهها البشرية، وتشجيع وتوجيه الباحثين للتعمق في دراسة شخصية النبي لإثراء المكتبات العربية والإسلامية بالأبحاث والدراسات العلمية والعملية القابلة للتطبيق في كافة مؤسسات الدولة ومجالات الحياة، بالإضافة إلى الاستفادة من مخرجات المؤتمر لإصلاح الاختلالات التي تعاني منها الأمة.
ويناقش المؤتمر 252 بحثا تتوزع على سبعة محاور رئيسية تشمل المحور الثقافي والاجتماعي، المحور السياسي والإداري، المحور الاقتصادي، المحور التربوي والتعليمي، المحور المهني والحرفي والصناعي، المحور الإعلامي، والمحور الأمني والعسكري.
وفي افتتاح المؤتمر، أوضح رئيس المؤتمر الدكتور القاسم عباس، أن المؤتمر يستمد أهميته من أهمية الشخصية الرائدة للرسول الأعظم التي أنقذت البشرية وصارت القدوة والنور لكل الناس.
وذكر أن انعقاد المؤتمر في نسخته الثالثة يأتي والأمة على مشارف العام الثالث من العدوان الصهيوني على الأشقاء في غزة الحبيبة التي يواصل العدو انتهاكها والتنكيل بأهلها.. وقال “استبيحت فلسطين واستبيح لبنان ثم سوريا، وتستباح كل الأمة العربية وكل ذلك نتيجة الاتكال على قوانين باطلة”.
وأشار إلى أن هذه القوانين سقطت اليوم، وسقط القانون الدولي الإنساني وسقطت مواثيق الأمم المتحدة، وكل الشرائع التي تدعي حقوق الإنسان ولم يبق إلا ميثاق واحد ومنهج واحد هو منهج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله.
ولفت الدكتور عباس إلى أن رسول الله كان حازما وحاسما وجريئا وقويا في تعامله مع اليهود واتخذ قرارا مع هذه الشرذمة في بني قينقاع وبني النضير وبني قريضة، وخيبر، ولم يهادن أو يصالح ولم يكن هناك اتفاقيات سلام.
وأكد على أهمية أن تلتزم الأمة اليوم بمنهجية رسول الله، ومنهجية القرآن في التعامل بغلظة مع اليهود الذين وصفهم الله بأنهم الأشد عداوة للمسلمين وأمر بقتالهم لكي يعذبهم الله بأيدي المؤمنين، وهي المنهجية الوحيدة التي أثبتت نجاحها وصحتها بينما سقطت كل المنهجيات والنظريات وكل القوانين التي ادعى الغرب الظالم أنه يقود بها العالم إلى بر الأمان فثبت أنه عبارة عن عصابة تستبيح البلدان والأعراض والدماء، وكل ذلك نتيجة الابتعاد عن منهجية رسول الله.
وقال “في هذا المؤتمر نحن نوجه كل الأمة العربية والإسلامية نحو رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونقود حياتنا وإدارتنا وكل مشاريعنا التنموية والسياسية والثقافية والاقتصادية والتربوية، وكذا خططنا العسكرية والأمنية وفقا لمنهجية رسول الله من خلال هذا المؤتمر بمحاوره المتعددة ومن خلال أكثر من 400 بحث قدمت للمؤتمر من كافة الجامعات والمراكز البحثية والمؤسسات في الجمهورية اليمنية والمؤسسات والمراكز البحثية العالمية”.
وأفاد رئيس المؤتمر بأنه تم قبول 200 بحث داخلي و52 بحثا خارجيا والتي سيتم مناقشتها وعرضها خلال أيام المؤتمر الثلاثة.. معبرا عن الشكر لرئيس وأعضاء الجمعية الخيرية لتعليم القرآن الكريم واللجنة التحضيرية واللجان التنظيمية والعلمية الفرعية والإعلامية، ولجان التواصل الخارجي وكل من عمل وساهم في إنجاح المؤتمر.
كما عبر عن تمنياته للمؤتمر الخروج بنتائج تكون بمثابة عنوان ومنطلق يستفاد منها في إدارة الدولة وعمل المؤسسات في كافة المجالات، وتكون نموذجا لبقية الدول التي ينبغي أن تقتدي بالشعب اليمني الذي أكرمه الله بقيادة حكيمة جعلته يتبوأ مكانة متقدمة ويتشرف بموقفه العظيم الذي تفرد به من بين كل دول العالم وواجه به وقاوم وأذل الآلة العدوانية الأمريكية من خلال تمسكه بنهج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
من جانبه أكد رئيس جامعة صنعاء الدكتور محمد البخيتي في كلمة الضيوف، أهمية المؤتمر الذي يتزامن مع ذكرى المولد النبوي الشريف، الذي أحياه الشعب اليمني بذلك الشكل الواسع وتوج الاحتفاء به بالخروج المليوني في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء وكافة الساحات في المحافظات.
وأوضح أن انعقاد المؤتمر في هذا التوقيت وبعد الإحياء الكبير لذكرى المولد النبوي يأتي ليؤكد النهج العظيم الذي يسير عليه الشعب اليمني بقيادة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، والذي صمد وهو يخوض أشرف معركة، جهادا في سبيل الله.
وقال ” ينعقد هذا المؤتمر في مرحلة مفصلية ميز الله فيها الحق من الباطل والمنافقين من الصادقين، وتخلى كل العالم عن الأشقاء الفلسطينيين الثابتين والمجاهدين في غزة، ماعدا شعب الإيمان أحفاد أنصار رسول الله الذين أبوا إلا أن يكونوا في موقع الحق، وموقع الرجال الصادقين المجاهدين، إلى جانب إخوانهم المظلومين في غزة”.
وأشار رئيس جامعة صنعاء إلى أن كل الجامعات الحكومية والمؤسسات الإدارية حرصت على المشاركة في هذا المؤتمر من أجل أن تتضافر الجهود، وتتكامل العقول والابداعات في مجالات بحثية عنوانها الأسمى الرسول الأعظم صلى الله عليه وعلى آله.
ولفت إلى أن هذا المؤتمر العلمي يبين أن الشعب اليمني بأكاديمييه وإدارييه وقياداته ومجاهديه يقفون صفا واحدا وفي معركة واحدة هي معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس من اجل تحرير فلسطين.
فيما قدم رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة في لبنان الشيخ ماهر حمّود مداخلة عبر دائرة تلفزيونية، أكد خلالها أن الحب لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم لا يكتمل إلا بالعمل بما جاء به وهذا ما يجسده الشعب اليمني وحركات المقاومة اليوم بوقوفهم مع الشعب الفلسطيني في الوقت الذي انحازت الكثير من أنظمة وشعوب الأمة، لأعداء الأمة وخذلت غزة.
وقال مخاطبا اليمنيين “لا يحق لأحد في العالم أن يحتفل بمولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر منكم، لأن الله جعل العمل إثباتا وتأكيدا للإيمان، ولم يجعل الإيمان كلاما ولا تمنيا، وأنتم الذين تقدمون الغالي والنفيس على حب الله وحب رسوله، وأنتم الثابتون على المبدأ، والرافضون للظلم”.
وأضاف الشيخ حمّود “إن الحب لله ورسوله لا يكتمل إلا عندما تكون فلسطين هي الأولوية وخاصة منذ انطلاق معركة الطوفان وفي ظل ما يرتكبه العدو الصهيوني من مجازر ومذابح بحق الأشقاء الفلسطينيين في غزة”.. مؤكدا أنه مهما طال الظلم والغطرسة والتجبر والفساد الذي تمارسه الصهيونية العالمية، إلا أن الوعد الإلهي العظيم بالنصر لعباده المؤمنين قادم لا محالة.
وناقشت الجلسة الأولى للمؤتمر برئاسة الدكتور مسعد ضيف الله – رئيس اللجنة العلمية للمحور الأمني والعسكري، سبعة أبحاث الأول بعنوان “الاستراتيجيات العسكرية في غزوات الرسول الأعظم وسبل الاستفادة منها في الواقع المعاصر”، للباحث سليم شرف الدين، والثاني بعنوان” استراتيجيات مكافحة الجريمة المنظمة على المستوى الوطني”، للباحث محمد الشرفي، والثالث للباحث ماجد السراجي بعنوان “دور المنظمات الدولية في حماية المستشفيات خلال النزاعات المسلحة: بين المبادئ العامة والرؤية القرآنية في خطاب الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي والسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي”.
كما ناقشت الجلسة بحثا رابعا قدمه الباحث عدنان الجنيد بعنوان “توظيف التجربة النبوية في غزوات الرسول الأعظم لبناء استراتيجية يمنية فاعلة تضمن الأمن البحري للجمهورية”، والبحث الخامس بعنوان” التخطيط الهندسي في الفكر النبوي ودور في الميدان العسكري (حفر الخندق لغزة الأحزاب نموذجا)”، للباحث صالح السنباني، والبحث السادس بعنوان “الاستراتيجية العسكرية للرسول الأعظم في مواجهة اليهود وأثرها في مواجهتهم في الواقع المعاصر- الشعب اليمني نموذجا”، للباحث أحمد ركب، إضافة إلى البحث السابع للباحث عبد اللطيف المطري بعنوان “العقيدة الجهادية للمشروع القرآني- دراسة تحليلية”.
فيما ناقشت الجلسة الثانية للمؤتمر برئاسة نائب وزير الإعلام الدكتور عمر البخيتي – رئيس اللجنة العلمية للمحور الإعلامي، أربعة أبحاث الأول للدكتور عبده الأكوع حول “دور المنصات الإعلامية الرقمية في مواجهة التضليل أثناء الأزمات”، والثاني للبحاث يحيى دعبوش بعنوان “صناعة الوعي في زمن التضليل: الإعلام القرآني كجبهة استراتيجية في مواجهة الحرب الناعمة.
وتناول البحث الثالث “الدور الإعلامي لخطابات السيد القائد في تعزيز التوجه نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في سياق الثقافة القرآنية – دراسة تحليلية” قدمه الباحثون محمد قحوان، ومبروك السويدي، وعبد الفتاح القرص، فيما تمحور البحث الرابع للباحث عبده غيلان حول “سيميائية الخطاب السياسي في خطابات الرسول التواصلية مع المشركين”.
ويمثل المؤتمر الذي يلتقي فيه الباحثون والمفكرون من مختلف الدول والبلدان رسالة للعالم أجمع بأن أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم لاتزال حية، وأن رسالته مستمرة لا يغيبها تعاقب القرون ولا تنال منها محاولات التشويه، أو التزييف لأنها كلمة الله التي ختمت بها الرسالات السماوية.
كما يعد هذا المؤتمر العلمي السنوي منصة لوحدة الكلمة، والتأكيد على أن محبة النبي، لا تقف عند حدود الشعور والعاطفة، بل تترجم إلى التزام عملي بمنهجه، وإحياء لقيمه في العدالة والرحمة والصدق حتى نكون بحق خير أمة أخرجت للناس.