المقالات

فلسطين حقٌ والحق لا يموت

 

بشرى خالد الصارم

مواقف ومصاديق تجلت، وعود وعهود تصدرت، كأن الجميع بين كفتيّ ميزان والسؤال المطروح هو.. أيهما أرجح!؟
كفة أهل الحق والإيمان بوعد الله، أم كفة أهل النفاق والتكذيب بوعيد الله؟! الجميع في موضع السؤال، كأن الموقف هو موقف المحشر والميعاد، ولكن باختلاف المكان والزمان.

هكذا بدت الصورة أمام مظلومية العصر ومجزرة القرن وملحمة التاريخ، هكذا بدت شلالات الدماء المنهمرة من أعلى سفوح غزة إلا لا جبال فيها سوى أوتاد مجاهديها وعظمة صامديها من أهلها وسكانها، هكذا بدا ركام الأشلاء المتجمعة على أطرق قطاع غزة وما جُمعت إلا لأنها اجتمعت على نهاية كيان لقيط مجرم محتل سجل نهايته مع كل قطرة دم رُيقت، المشاهد لم تؤلف مهما كثرت ومهما طال أمدها، ومن ألف المشهد حتماً أن قلبه ميت ولم توقظه صرخات المستضعفين ممن سُمعت نداءاتهم من كل الكون أكان حجراً أم بشرا، الفقد أليم والمصاب عظيم، والله شديد ذو انتقام.

ومن منطلق آية “إن تكونوا تألمون”  تأتي الذكرى الثانية للعملية البطولية الفدائية الـ 7من أكتوبر، عملية راكمت من خلالها الحركات الجهادية في فلسطين الانتصارات والمجد بينما راكم العدو الإسرائيلي فشله وجرمه، ومن خلالها أوصلت صوت غزة المكلومة المستباحة من عقود لبقاع الأرض من شمالها إلى جنوبها، وكشفت القناع الحقيقي لهذا الكيان ومدى حيوانيته الإجرامية المتوحشة أمام مرأى ومسمع العالم، عملية وحدت كلمة ذوي أصحاب الضمائر الإنسانية الحية، عربٌ كانوا أم غرب، مسلمين أم من ديانة أخرى، إلا أن رابط الإنسانية والبشرية هو من جمعهم لكلمة الحق أن يصرخوا بـ “الحرية لفلسطين”.

وها نحن في مفترق طريق لوقف هذه الجرائم بعد ما يسمى بخطة السلام المزعومة، أتت هذه الخطة من جهد أمريكي حثيث بعد فصول من السقوط المدوّي الذي تعرض له الكيان المحتل مؤخراً، من حيث استحقار العالم لهذا الكيان، ونبذه خارج محور الإنسانية والبشرية، واستحقار حكامه ورموزه التي طالما كانت الصهيونية تسعى لتلميعه وتحسين صورته وسحب المؤيدين له إلى خانة الحلفاء، بعد ظهور هذا العدو بهيئة الفشل الذي تغذّى عليه، وموته سياسياً، وبعد الفشل الأمريكي والصهيوني في تحييد قوة محور المقاومة، بعد تعافي مقاومة حزب الله ،وبعد فشل المحاولات الأمريكية والصهيونية في نزع سلاح الحزب، وبعد فشل تحييد الصواريخ والمسيرات اليمنية، في الوصول إلى عمق كيان العدو، حينها أدرك العدو الأمريكي أن الحلقة تضيق على الحكومة الصهيونية وإن بقي صوته يعلو في الإعلام فصدى ذلك الصوت لا يعني إلا ضجيجاً يائساً يحاول تغطية خيبته الدائمة أمام عظمة المقاومة والمجاهدين وإنجازاتهم.

لم تكن مجرد خطة لوقف الحرب كما يقولون، بل هي لحفظ ماء وجه العدو الإسرائيلي، وأن المزايدين لموقف حماس السياسي الذي اتخذته لم يعلموا أن الأمور لا كما يرونها بل كما يتعايشون معها ولها ما بعدها، ولم يعلموا أيضاً أنهم وبهذه الخطة أثبتوا أنهم لم يقدموا شيئا للقضية، ولم يكن لهم موقف في هذه الجولة ولا في سابقتها، بل هو تأكيد أن كل ماقدمته حماس وفلسطين وغزة العزة كان وقوداً للوصول للوعد الإلهي الموعود، وهو دفاع قطاع عن أمة، فقطاع غزة الصغير دافع وقاتل عن كرامة وشرف أمة بأكملها، ففلسطين لم تكن تقاتل لشعبها فقط، بل كانت تقاتل عن جيوش وشعوب أمة نائمة وخاضعة لعدو استباح أرضها ومقدراتها وشعوبها ، حيث أثبتت فلسطين أن كل قطرة دم شهيد ستُكلل بنصر ومجد عظيم، وأن المقاومة باقية مابقيت هذه الأرض ومقدساتها، وأن الأراضي الفلسطينية حق ولن يموت هذا الحق.

ستبقى فلسطين محور الأرض والقضية الدائمة، وسيبقى سلاح المقاومة شاهراً في وجه العدو، وسيبقى محور المقاومة ملتحم مع المجاهدين في غزة، وسيكون مستعد لأي فتيل قادم وإن عادوا عدنا وعاد الله معنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى