حين يُهان القرآن … تُهان الإنسانية

بقلم/صفاء العوامي
ليست إهانة القرآن الكريم حادثة عابرة، ولا فعلًا فرديًا يمكن تجاوزه بالصمت، بل هي طعنة موجعة في قلب أمة كاملة، واعتداء صارخ على أقدس ما تؤمن به الملايين بل ملياري مسلم . فالقرآن ليس كتابًا عاديًا، بل هو كلام الله، ونور القلوب، ودستور حياة، ومنه تنبثق القيم والعدالة والرحمة.
حين يُهان القرآن الكريم، فالمصيبة لا تقع على المسلمين وحدهم، بل على الإنسانية جمعاء. فهذه ليست إساءة لكتاب، بل إعلان فاضح عن سقوط القيم، وانهيار الأخلاق، وموت الضمير الإنساني تحت لافتة كاذبة اسمها “الحرية”.
القرآن ليس ورقًا يُحرق، ولا حبرًا يُداس، بل عقيدة تسكن القلوب، ونور لا تطفئه نار، وحقّ لا تُلغيه وقاحة. ومن يظنّ أن حرق المصحف،أو الاستهزاء بهِ يُسقط قدسيته، إنما يفضح جهل المعتدي وضعفه وخواءه الروحي.
أيّ حرية هذه؟
أيّ حرية تسمح بإهانة مليارَي إنسان؟ أيّ قانون يحمي مشاعر فئة، ويُبيح إذلال أمة كاملة؟ إنها ليست حرية رأي، بل عدوان فكري صريح، وليست شجاعة، بل استقواء خسيس على مقدسات آمنة.
القرآن خطّ أحمر ، حين تمتدّ الأيدي الآثمة إلى المصحف حرقًا أو تمزيقًا أو استهزاءً، فإنها لا تحرق ورقًا، بل تحاول حرق كرامة أمة وتاريخ عقيدة. إن القرآن خطّ أحمر، ليس لأنه رمز ديني فحسب، بل لأنه أساس أخلاقي وإنساني شكّل حضارة وأسهم في بناء الضمير الإنساني عبر القرون.
إنها ليست حرية بل كراهية.
أيّ حرية تلك التي تُبنى على إهانة مقدسات الآخرين؟
وأيّ رأي يُعبَّر عنه عبر إذلال عقائد الشعوب؟
إن ما يُسمّى بحرية التعبير حين يتحوّل إلى سخرية من القرآن، هو في حقيقته خطاب كراهية مفضوح، واستفزاز متعمّد .
وصمت العالم مشاركة في الجريمة . إن الصمت الدولي أمام إهانة القرآن الكريم ليس حيادًا، بل تواطؤًا أخلاقيًا. فكيف تُجرَّم العنصرية ويُغضّ الطرف عن ازدراء دين بأكمله؟ أليست كرامة المؤمنين جزءًا من كرامة الإنسان؟ أليس احترام المقدسات شرطًا أساسيًا للسلام العالمي؟
غضبنا مشروع ، غضب المسلمين غضب مشروع، نابع من حبّهم لكتاب ربهم، لكنه يجب أن يُترجم إلى وعي وثبات، وعلى الأمة الإسلامية التي تعتبر القرآن أعظم مقدساتها أن تجتمع على قلب رجل واحد ، وتضع حدًا لكل من يعتدي على مقدساتها ، ليس فقط بالتنديد والإدانة بل لابد أن يتحول إلى موقف يُترجم إلى الواقع ، ك قطع العلاقات مع الحكومات التي تتيح الفرص لهذه الأعمال الاجرامية .
حين يكيل العالم بمكيالين ، فيُجرَّم ازدراء فئات، وتُفرض العقوبات على كلمات، لكن حين يُهان القرآن، يُطلب من المسلمين الصمت باسم “التسامح”!
أيّ نفاق هذا؟ وأيّ عدالة عمياء تلك التي ترى كل الإهانات جريمة، إلا إهانة الإسلام؟
إن الصمت عن هذه الإساءات ليس حيادًا، بل شراكة أخلاقية في الجريمة، غضبنا ليس تطرفًا، غضب المسلمين دفاعًا عن القرآن ليس تطرفًا، بل كرامة، وحزنهم ليس ضعفًا، بل إيمان.
اعلموا جيدًا أيُها الأعداء :
القرآن محفوظ، لا تمسّه أيديكم، ولا تنال منه أفعالكم، أنتم تسيئون لأنفسكم، لا إليه، وتحرقون صورتكم، لا كتابنا.
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾.
وللقران رجالًا ونساًء لن يسكتوا عن هذه الإساءات ولن تمر دون جزء ، ومن لم يغضب من المسلمين لقرآنه فلن يضر الله بشيء بل هو من سيخسر دنيا وآخرة.
وآخيرًا نقول للعالم :
سيبقى القرآن مرفوعًا، ولو كره الكارهون.
وسيظل نورًا، ولو اجتمعت عليه ظلمات الحقد.
أما الإهانة… فستبقى دليل إفلاس أخلاقي، وشهادة تاريخية على زمنٍ خان فيه الإنسان إنسانيته.
فالقرآن الكريم ليس عدوًا لأحد، بل دعوة للسلام العادل ، وإقامة للعدل، وحماية للكرامة الإنسانية. ومن يسيء إليه إنما يكشف فقره القيمي، لا قوة فكره.
فالاعتداء على المقدسات لن يصنع حرية، ولن يبني حضارة، بل يُظهر فقر الأخلاق والقيم ، كما يفضح نيات العدو العدوانية تجاه الأمة الإسلامية ومقدساتها.
وأما الإهانة… فستبقى وصمة عار في جبين من ارتكبها، وشاهدًا على سقوط القيم حين تُغتال باسم الحرية.




