المقالات

صنعاء.. استقرار يُترجَم إلى إنجازات

 

بقلم/عبدالمؤمن محمد جحاف

في مشهدٍ يختصر الفارقَ بين مشروع دولةٍ تصنع الاستقرار، وواقعِ احتلال لا يُنتج سوى الفوضى، تبرز مناطقُ صنعاء اليوم كنموذجٍ لحالةٍ متماسكة من الحرية والاستقلال والسيادة، مقابلَ حالة الانهيار والاقتتال والصراع التي تعيشها مناطق الاحتلال، حَيثُ تُسلب الإرادَة وتُنهب الثروات وتُدار الجغرافيا خارج إرادَة أبنائها.

رغم الحصار والعدوان، تمضي مناطق صنعاء بثباتٍ في مسار البناء والتنمية، وتحوّل الإمْكَانات المحدودة إلى منجزاتٍ ملموسة تمسّ حياة الناس.

ففي قطاع البنية التحتية، تتواصل مشاريعُ إعادة تأهيل الطرق الرئيسية، بما يعزّز حركة النقل، ويربط المناطق ببعضها، ويخدم النشاط الاقتصادي والخدمي، في رسالةٍ واضحة أن التنمية خيار لا يتوقف عند حدود الظروف.

وفي خطوةٍ تعكسُ توجُّـهًا جادًّا نحو الاقتصاد الإنتاجي، أطلق برنامج تعزيز الصناعات القطنية المحلية، كأحد المسارات الاستراتيجية لبناء اكتفاء ذاتي في صناعة الملابس القطنية.

وقد تُوّجت المرحلةُ الأولى من البرنامج بتخريج 100 متدربة في مجال تصنيع القطنيات؛ بما يعني خلق فرص عمل حقيقية، وتمكين المرأة، وتقليص الاعتماد على الاستيراد، وتحويل القطن اليمني من مادة خام إلى قيمة مضافة داخل السوق المحلية.

هذا البرنامج لا يُمثل مُجَـرّد نشاط تدريبي، بل بداية طريق نحو صناعة وطنية قادرة على الصمود، تعيد الاعتبار للمنتج المحلي، وتؤسس لقطاع صناعي يرتكز على الموارد اليمنية والكفاءات الوطنية.

وفي ميدان الزراعة، الذي يشكّل خط الدفاع الأول عن الأمن الغذائي، حقّقت محافظة الجوف إنجازًا لافتًا بزراعة قرابة 17 ألفًا و600 هكتار من الحقول بمحصول القمح خلال الموسم الزراعي الجاري.

هذا التوسع يعكس نجاح السياسات الزراعية الداعمة للمزارعين، ويؤكّـد إمْكَانية تقليص فجوة الاستيراد، وتعزيز الاعتماد على الإنتاج المحلي، حتى في المحافظات التي عانت لسنوات من الاستهداف والإهمال.

في المقابل، تعيش مناطق الاحتلال حالةً من الفوضى والانفلات الأمني والاقتتال الداخلي، حَيثُ تتنازعها أدوات الخارج، وتغيب فيها أبسط مقومات السيادة والاستقرار.

لا مشاريعَ تنموية حقيقية، ولا برامج إنتاجية، بل صراعات على النفوذ، وانهيار للخدمات، ونهب منظم للثروات، في ظل وصاية أجنبية تُدير المشهد بما يخدم مصالحها فقط.

خلاصة المشهد ما بين صنعاء ومناطق الاحتلال، تتجلى معادلة واضحة: حيثما وُجد القرار الوطني المستقل، وُجد الاستقرار وتحقّقت الإنجازات، وحيثما فُرض الاحتلال، حضرت الفوضى وغابت التنمية.

إنها مقارنة لا تحتاج إلى شعارات؛ فالأرقام والمشاريع والحقول المزروعة والطرق المؤهلة، كلها شواهدُ حيّة على أن الحريةَ والاستقلال ليستا مفهومًا سياسيًّا فحسب، بل شرطًا أَسَاسيًّا لأية نهضةٍ حقيقية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى