ثورة 21 سبتمبر .. من “الصرخة” إلى الصواريخ “الفرط صوتية الانشطارية”

تقرير/
شكل التصنيع العسكري للقوات المسلحة اليمنية بعد ثورة 21 سبتمبر 2014 منعطفًا تاريخيًا ونقطة تحول استراتيجية في تاريخ اليمن الحديث وقفزت من الصفر بأسلحة غيرت قواعد الاشتباك في المنطقة وأثرت على موازين القوى العربية والإقليمية والدولية, ففي ظل ظروف معقدة وحصار امريكي سعودي شامل، انطلقت إرادة يمنية لتأسيس قاعدة صناعية عسكرية، وهو ما وُصف بـ “المعجزة” نظرًا للتحديات والمخاطر الجسيمة, سيما بعد تعرض الجيش اليمني قبل الثورة لتدمير خطير وممنهج تحت مزاعم الهيكلة التي تمت بإشراف أمريكي مباشر، حيث كانت المؤسسة العسكرية تعاني من تبعية مطلقة للخارج، استهلكت قدراتها ومواردها في حروب عبثية داخلية،ما أضعف الجيش وأنهكه ,حتى جاءت الثورة لتضع حدًا لهذا الارتهان وأعادت للبلاد قرارها السياسي وفرضت هيبة اليمن على المستوى العسكري، هذا السياق الصعب كان بمثابة نقطة البداية لرحلة التصنيع العسكري عبر تصنيع متطور بأيادي يمنية.
ما خفي عن مخطط الهيكلة الامريكية
بحسب معلومات حصرية خاصة حصل عليها موقع “يمانيون” فإن أمريكا في خطوتها الإجرامية لتدمير الجيش اليمني وقدراته التسليحية في الهيكلة التي تمت في العام 2013م كانت أخطر خطواتها إحالة المبدعين في مختلف الوحدات العسكرية سيما في ألوية الصواريخ والدفاعات الجوية ورميهم إلى “سلة دائرة التقاعد” بذريعة استكمال سنوات الخدمة, ومن ثم سعت لجمع الأسلحة الثقيلة من مختلف المناطق العسكرية والألوية والوحدات والتي كان أبرزها “الدبابات والمدافع والعيارات الجوية المضادة للطيران” إلى هناجر تم إنشاؤها في العاصمة صنعاء ليسهل ضربها وتدميرها بضربات جوية مباشرة, غير أنها فشلت في هذا الجانب, في حين كانت تريد أن يكون أكبر معدل تسليح للجيش اليمني هو سلاح “الدوشكا” 12.7.
مراحل التصنيع والإنجازات
عقب سلسلة المؤامرات التي أنكهت الجيش اليمني جراء تواطؤ نظام الوصاية وارتهان قرارها للتدخل الأمريكي السافر , مثلت ثورة 21 سبتمبر الولادة الجديدة للجيش اليمني لكنها سرعان ما وجهت بحرب وحصار أعلنا من العاصمة الأمريكية واشنطن عبر أدواتها العربية في المنطقة ممثلة بالنظام السعودي, وهنا برزت الإرادة اليمنية بقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي لتحويل هذا التحدي إلى فرص’ واتجهت اليمن نحو الاكتفاء الذاتي العسكري وامتلاك عناصر القوة ومن الدفاع إلى الهجوم كان هو التحول الاستراتيجي للجيش اليمني, حيث مر التصنيع بمراحل متسارعة، بدأت بإعادة تأهيل وتطوير ما نجا من الأسلحة القديمة التي كانت بحوزة القوة الصاروخية، وسرعان ما تحولت إلى مرحلة التصنيع الكامل, بخبرات يمنية ومواكبة للتطور التكنلوجي من البدايات إلى القمة .
مرحلة التأسيس والصواريخ قصيرة المدى (2015-2016):
مع بداية العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن في 26 مارس2015م، ركزت الجهود في مسارات البناء والتطوير والارتقاء على بناء الفرد إيمانيا وتعزيز ارتباطه الروحي والوجداني وثقته بالله بالدرجة الأولى لما لذلك من أهمية تساعده على إنتاج صواريخ قصيرة المدى لمواجهة التحديات الميدانية المباشرة, وكانت هذه المرحلة بمثابة إثبات للقدرة الأولية على التصنيع وبناء ترسانة عسكرية هائلة ومتقدمة رغم الحصار الجائر والظروف الصعبة.
منظومة “الصرخة”: من أوائل المنظومات محلية الصنع، يبلغ مدى الصاروخ 17 كم ورأسه الحربي 15 كغم.
تلاها منظومة “النجم الثاقب” (1 و 2): صواريخ مدفعية بمدى يتراوح بين 45 و 75 كم، ورأس متفجر يصل إلى 75 كغم.
أعقبها منظومة “الزلزال” بأجيالها الثلاثة (1، 2، 3) وهي سلسلة من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، بدأت بمدى 3 كم للجيل الأول، ووصلت إلى 65 كم ورأس حربي يزن نصف طن في الجيل الثالث “زلزال 3”.
مرحلة تطوير المدى المتوسط والأسلحة النوعية:
شهدت هذه المرحلة قفزة نوعية في القدرات الصاروخية والطائرات المسيرة، مع التركيز على زيادة المدى والدقة.
وكان أبرزها صواريخ “قاهر” (1 و M2): وهي صواريخ “سام 2” روسية تم تطويرها لتصبح صواريخ أرض-أرض, يصل مدى “قاهر M2” إلى 400 كم بدقة إصابة عالية تتراوح بين 5 إلى 10 أمتار.
ثم صاروخ “صمود”: صاروخ غير باليستي بمدى 38 كم ورأس حربي يزن 300 كغم.
بالإضافة إلى عائلة جديد من الصواريخ الذكية التي تمتلك مواصفات عالية من حيث الدقة في إصابة الهدف والسرعة وكذلك القوة التدميرية، وهو الصاروخ بدر 1 بي، باليستي قصير المدى وتم تطويره عن الصاروخ بدر 1 ويعمل بالوقود الصلب، بمدى يزيد على 130كيلو, كما أن طوله ستة امتار، وسرعته 4 ونصف ماخ، وسرعة الوصول 5 ماخ. وأجريت على هذا الصاروخ عدة تجارب ناجحة في الميدان
وصولا لـصواريخ “بركان” (1 و 2): صواريخ بالستية من نوع سكود تم تطويرها لزيادة مداها إلى أكثر من 800 كم، مما مكنها من الوصول إلى أهداف استراتيجية بعيدة, وتم قصف عدة قواعد عسكرية في عمق الأراضي السعودية.
مرحلة الردع الاستراتيجي والأسلحة المتقدمة (ما بعد 2022):
تميزت هذه المرحلة بالكشف عن أسلحة متطورة أذهلت العالم وأكدت التفوق اليمني في هذا المجال، وظهرت بشكل بارز خلال العرض العسكري التاسع لثورة 21 سبتمبر وفي “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس” نصرةً لغزة.
والتي كان على رأسها صواريخ “قدس” المجنحة: بأجيالها المتعددة، وهي صواريخ كروز يصل مداها إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فيما كشفت القوات المسلحة عن صاروخ “طوفان”: صاروخ أرض-أرض يصل مداه إلى 1800 كيلومتر, وكذلك صاروخ “برق 1” و2 محلي الصنع، المدى 50 كم، الارتفاع 15 كم
بالإضافة إلى صاروخ “حاطم 2” الفرط صوتي: صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت بأجيال متعددة ومديات تتجاوز 2000 كيلومتر.
ثم صاروخ “فلسطين” الباليستي: صاروخ محلي الصنع يعمل بالوقود الصلب وبعيد المدى, وكذلك صاروخ فرط صوتي فلسطين 2 ذات الرؤوس الانشطارية في (عملية المولد النبوي1447هـ): يبلغ مداه 2150 كم، يعمل بالوقود الصلب على مرحلتين، ويتميز بتقنية التخفي وسرعة تصل إلى 16 ماخ، مع قدرة عالية على المناورة تتجاوز أقوى منظومات الدفاع الجوي.
الفرط صوتية في العيد السبتمبري الـ11
واليوم تحل علينا الذكرى الـ11 عشر لهذه الثورة المباركة واليمن تخوض مواجهة مباشرة مع أمريكا وإسرائيل في صورة لم يكن يتخيلها الصديق قبل العدو بل واستطاعت القوات المسلحة اليمنية توجيه الضربات المباشرة والمؤثرة للأمريكي والإسرائيلي وكان آخرها العمليات المتتابعة بالصواريخ الفرط صوتية ذات الرؤوس الانشطارية الذي يبلغ مداه( 2150) كيلومتراً ويعمل بالوقود الصلب على مرحلتين “2stage”- ويتميز بتقنية التخفي وسرعته تصل إلى 16 ماخ كما أنه يمتلك قدرة عالية على المناورة التي تتجاوز أحدث وأقوى منظومات الدفاع الجوي في العالم بما فيها القبة الحديدية وضرب عدة أهداف للكيان الصهيوني في عمق الأراضي الفلسطينة المحتلة.
الأهمية الاستراتيجية للقوات المسلحة اليمنية
يكمن نجاح التصنيع العسكري في تحويل التحديات إلى فرص، حيث أصبح الحصار دافعًا للابتكار والاعتماد على الذات’ لتحقيق السيادة واستقلالية القرار, ومنحت هذه الترسانة العسكرية اليمن أوراق القوة في مختلف مسارات المعركة الشاملة التي امتدت منذ عشر سنوات وإلى اليوم , حيث ينظر العالم اليوم إلى اليمن كقوة إقليمية كبرى لها كلمتها وحضورها المؤثر والفاعل في الساحة المحلية والعربية والدولية والإقليمية, حيث غيرت من قواعد الاشتباك, واستطاعت الدخول في مواجهة مباشرة مع قوى الاستكبار العالمي أمريكا وإسرائيل وتوجيه ضربات قاصمة للأهداف الأمريكية والإسرائيلي وفرض حصار بحري في البحر الأحمر، وهو أمر لم يكن متخيلًا في السابق, ليصبح يمن ثورة الـ21 من سبتمبر نموذج ملهم للتحرير وقصة وصمود وإبداع ولد من رحم الحصار, ونموذجًا للشعوب التي تسعى للتحرر من الهيمنة والتبعية، مؤكدًا أن الإرادة الوطنية قادرة على صنع المعجزات.
خاتمة
يُعد التصنيع العسكري أحد أبرز منجزات ثورة 21 سبتمبر، حيث انتقل باليمن من بلد مستهلك للسلاح إلى قوة إقليمية قادرة على تصنيع أسلحة ردع استراتيجية متطورة بأيادٍ وخبرات يمنية خالصة مع مخزون استراتيجي مستمر, هذه التجربة لم تغير موازين القوى في الصراع فحسب، بل أعادت تعريف قدرة اليمنيين على بناء دولتهم وحماية سيادتها في أصعب الظروف, وأن ما بعد ثورة 21 سبتمبر ليس كما قبلها.