تقارير وحوارات

عامان من الفشل الأمريكي في البحر الأحمر.. “حارس الازدهار” السقوط المبكر لرهانات واشنطن الغبية

تقرير/

في الذكرى الثانية لإعلان الولايات المتحدة تشكيل تحالفها البحري تحت مسمّى «حارس الازدهار» في ديسمبر 2023، تتكشّف حصيلة هذه العملية بوصفها أكثر من مجرد إخفاق عسكري عابر، بل كدليل صارخ على فشل الرهان الأمريكي في إعادة فرض الهيمنة بالقوة في البحر الأحمر. فقد جاءت العملية منذ لحظتها الأولى كتحرك أمريكي مباشر لإسناد الكيان الصهيوني في ذروة حرب الإبادة على غزة، ومحاولة لتجريم الموقف اليمني الداعم للفلسطينيين عبر تغليفه بخطاب “حماية الملاحة الدولية”، متجاهلة السياق السياسي والأخلاقي الذي فجّر المواجهة، والمتمثل في انخراط صنعاء العلني في معركة كسر الغطاء عن العدوان على غزة.

وبعد عامين كاملين من الانتشار البحري، والتصعيد العسكري، والضربات الجوية، لم تتمكن الولايات المتحدة ولا تحالفها الدولي من تحقيق أي من الأهداف التي أعلنتها. فلا الملاحة استقرت، ولا الردع تحقق، ولا العمليات اليمنية توقفت، ولا معادلة الاشتباك تغيّرت. بل تحوّلت «حارس الازدهار» إلى عدوان مباشر على اليمن، استُهدفت خلاله منشآت مدنية وحيوية، في مقابل اعترافات أمريكية وغربية متزايدة بعجز التحالف عن فرض الاستقرار أو تأمين البحر الأحمر. وهو ما يجعل من هذه الذكرى الثانية مناسبة سياسية وتحليلية لإثبات أن العملية لم تكن حارسًا للازدهار، بل شاهدًا جديدًا على تراجع القوة الأمريكية حين تُستخدم لحماية مشروع إبادة، وتُواجَه بإرادة سياسية وعسكرية صلبة من صنعاء.

حارس الازدهار السقوط المبكر لرهانات أمريكا في البحر الأحمر

ويظهر هذا الفشل المبكر بوضوح عند مراجعة ردود الأفعال العربية والدولية تجاه تحالف العدوان. شهدت العملية العدوانية الأمريكية المعروفة باسم “حارس الازدهار” تحديات سياسية واستراتيجية كبيرة منذ الإعلان عن تشكيلها، حيث عبّرت السعودية ومصر في بيانات رسمية عن تحفظهما على الانخراط المباشر في العمليات، ما أخل بمصداقية التحالف منذ البداية وفرض قيودًا واضحة على نطاق عملياته، بينما حرصت الدولتان على حماية مصالحها الداخلية وتجنب تورط مباشر في مواجهة مرتبطة بالكيان الصهيوني، مؤكدتين أن أي انخراط عسكري يجب أن يكون ضمن معايير تحمي مصالح شعوبها أولًا.

ورفضت دول إسلامية رئيسية أخرى الانخراط في التحالف، فتركيا حافظت على دورها كوسيط إقليمي بعيدًا عن المواجهة المباشرة، وأكدت باكستان تمسكها بالدعم الشعبي لغزة، في حين أبقت إندونيسيا على مسافة من أي تحالف يرتبط بالعدو الإسرائيلي، وفق تصريحات رسمية وبيانات وسائل الإعلام المحلية لكل دولة. وهذا الموقف كشف محدودية النفوذ الأمريكي في العالم الإسلامي، وأظهر غياب أي شرعية سياسية حقيقية للتحالف، ما عزز بدوره صلابة الموقف اليمني وقدرته على مواجهة العدوان واستمرار موقفه المستقل في البحر الأحمر.

وعلى المستوى الأوروبي، اقتصرت مشاركة التحالف على التبادل الاستخباراتي والتنسيق الرمزي، فيما أعلنت فرنسا وألمانيا تحفظهما، ورفضت إسبانيا والدنمارك المشاركة الفعلية، وهو ما أضعف قدرة التحالف على تنفيذ أي استراتيجية بحرية ناجحة. وفي الوقت نفسه، استمرت القوات المسلحة اليمنية في تنفيذ هجمات متكررة على سفن التحالف، بما في ذلك الهجمات الكبرى على حاملات الطائرات الأمريكية بين نوفمبر 2023 ويناير 2025، والتي أدت إلى انسحاب بعض السفن الأمريكية من المنطقة، كما أقرّ البنتاغون نفسه لاحقًا، مؤكدًا استمرار التفوق اليمني الميداني وصعوبة فرض أي معادلة أمريكية جديدة.

توضح هذه الوقائع أن تحالف العدوان «حارس الازدهار» افتقر للشرعية الإقليمية والدولية، واعتمد بشكل شبه كامل على القوة الأمريكية والبريطانية، فيما بقي الدعم الرمزي أو الغائب من الدول الأخرى دليلًا على فشل الدبلوماسية الأمريكية في حشد تحالف فعّال. كما يظهر استمرار العمليات اليمنية ورفض الضغوط الدولية، إلى جانب التأييد الشعبي العربي والدولي للمقاومة الفلسطينية، أن أهداف التحالف السياسية والاستراتيجية قد انهارت بالكامل، وأن أي رهان أمريكي على القوة السياسية لم يكن سوى وهم مبكر تم كشفه قبل الانطلاق الكامل للعملية.

وبذلك، فشلت الولايات المتحدة في فرض معادلة سياسية واستراتيجية جديدة في البحر الأحمر، وأكدت مؤشرات الخبراء واستمرار الموقف اليمني المستقل ورفض الدول المشاركة الفعلية أن أي رهان على القوة العسكرية لحل الأزمات السياسية كان مضيعة للوقت والموارد، ما أدى إلى تعاظم الهزيمة الأمريكية وتكرار الإخفاق السياسي والاستراتيجي، مع تعزيز مكانة اليمن كقوة قادرة على فرض إرادتها ومبادئها في مواجهة العدوان.

تحالف دولي ضد اليمن.. فشل تكتيكي وعملياتي

مع استمرار الفشل السياسي والاستراتيجي الذي كشف عنه رد الفعل العربي والدولي تجاه تحالف العدوان «حارس الازدهار»، برز الفشل التكتيكي والعملياتي كدليل آخر على عدم قدرة الولايات المتحدة على تحقيق أهدافها في البحر الأحمر. مع مرور عامين على إعلان تشكيل التحالف في ديسمبر 2023، بقيت أهدافه العسكرية المعلنة بعيدة المنال، رغم كل التصريحات الأمريكية الرسمية حول حماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث كشفت الوقائع الميدانية فجوة عميقة بين الطموحات الأمريكية والقدرات الفعلية على الأرض. فقد اقتصرت عمليات تحالف العدوان على اعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة بعد إطلاقها، دون القدرة على تعطيل البنية العملياتية للقوات المسلحة اليمنية، وهو ما يعكس فشلًا تكتيكيًا واضحًا أمام إرادة عسكرية متماسكة ومخطط عملياتي محكم من صنعاء.

الإحصاءات والتقارير الرسمية الأمريكية نفسها، بما فيها تصريحات لمسؤولين بارزين أمام الكونغرس، أكدت أن تحالف العدوان غير قادر على تأمين مرور جميع السفن في البحر الأحمر بالكامل، وهو اعتراف صريح بعجزه عن تحقيق الهدف المعلن. وعلى الأرض، استمرت العمليات اليمنية بلا توقف، بما في ذلك إطلاق المسيرات والطائرات بدون طيار على مسارات التحالف، ما يؤكد أن الاعتراضات لم تؤثر على القدرة العملياتية اليمنية، بل اقتصرت على إسقاط عدد محدود من الأهداف دون كسر إرادة القوات اليمنية، معززة بذلك الصمود العسكري الذي أشرنا له في المحور الأول.

المعطيات الاقتصادية أكدت بدورها فشل التحالف في تحقيق هدفه المعلن، إذ استمرت شركات الشحن العالمية في تحويل مساراتها عبر رأس الرجاء الصالح لتجنب المرور عبر البحر الأحمر، رغم وجود التحالف، وهو مؤشر عملي على عدم قدرة التحالف على تأمين الملاحة التجارية، بما يتوافق مع هشاشة الدعم الدولي وتحفظ الدول التي ذكرناها سابقًا في المحور الأول. إضافة إلى ذلك، أظهرت مشاركة الدول الأخرى هشاشة التحالف؛ إذ اقتصر دور بعض الشركاء على مشاركة رمزية أو غير قتالية، بينما امتنعت دول أخرى عن الانخراط العملياتي، ما قلل من فعالية القوة المشتركة، بحسب تحليل مراجعة الأمن البحري الدولي لعام 2025، وهو امتداد طبيعي للفشل السياسي الذي سبقه.

وفي سياق العمليات العدوانية، أظهرت التقارير الأممية والغربية أن تحالف العدوان استهدف منشآت مدنية وموانئ ومطارات وبنى خدمية، دون تحقيق أي مكاسب عسكرية ملموسة، وفق ما وثقه معهد أبحاث السلام الدولي. هذا الاستهداف يؤكد الطبيعة العدوانية للعملية ويعزز الرواية اليمنية بأن الهدف الفعلي للعملية لم يكن حماية الملاحة، بل ممارسة ضغوط مباشرة على الشعب اليمني، ما ينسجم مع ما ذكرناه في المحور الأول عن عجز التحالف عن فرض أي معادلة جديدة.

باستناد هذه الوقائع، يتضح أن تحالف العدوان «حارس الازدهار» لم يحقق أي من أهدافه العسكرية، وفشل في فرض الردع أو تعطيل العمليات اليمنية أو حماية الملاحة البحرية. وما يثبت ذلك أكثر من أي تحليل هو استمرار العمليات اليمنية بنفس الكثافة، واستمرار تحويل السفن التجارية لمسارات بديلة، وهو ما يجعل تقييم العملية من منظور الوقائع والبيانات الرسمية واضحًا: فشل تكتيكي وعسكري استراتيجي لا يمكن تجاوزه بالادعاءات الإعلامية أو الدعاية الأمريكية، ليكمل بذلك الصورة الشاملة لسقوط الرهانات الأمريكية على المستوى السياسي والاستراتيجي

انهيار الغطرسة الأمريكية في البحر الأحمر

تكشّفت أبعاد الهزيمة الأمريكية منذ البداية، حيث فشل تحالف العدوان «حارس الازدهار» في حشد دعم عربي وإقليمي فعّال، رغم كل الضغوط السياسية والدبلوماسية الأمريكية. فقد عبّرت السعودية ومصر في بيانات رسمية عن تحفظهما على الانخراط المباشر في العمليات، مفضلتين الحفاظ على مصالحهما الداخلية وتجنب أي ارتباط مباشر بمواجهة مرتبطة بالعدو الصهيوني، وهو موقف لم يشهده التحالف من قبل، حسب تصريحات رسمية لمسؤولين أمريكيين أمام الكونغرس وبيانات وسائل الإعلام المحلية. وفي الوقت نفسه، أبقت تركيا على دور الوسيط الإقليمي بعيدًا عن المواجهة المباشرة، بينما أكدت باكستان التزامها بالموقف الشعبي الداعم لغزة، وأبقت إندونيسيا على مسافة من أي تحالف مرتبط بالكيان الصهيوني. هذا الرفض أو التحفظ كشف محدودية النفوذ الأمريكي وغياب الشرعية السياسية للتحالف، وعزّز من صلابة الموقف اليمني على الأرض.

على المستوى الأوروبي، اقتصرت المشاركة على التنسيق الاستخباراتي الرمزي، مع تحفظ فرنسا وألمانيا، وإعلان إسبانيا والدنمارك عدم المشاركة الفعلية، وفق مراجعة الأمن البحري الدولي لعام 2025. هذا الواقع كشف هشاشة القوة المشتركة للتحالف واعترف ضمنيًا بعجزه عن فرض أي سيطرة بحرية أو حماية للملاحة التجارية في البحر الأحمر.

أما على الصعيد العملياتي، فقد أظهرت الوقائع الميدانية الفشل الأمريكي البائن؛ إذ أُجبرت حاملات الطائرات والسفن الأمريكية على الانسحاب من المنطقة، وفق بيانات البنتاغون وإعلانات القوات المسلحة اليمنية، بعد تعرضها لهجمات دقيقة ومتكررة. وفي محاولة لتغطية هذه الهزيمة، لجأت الولايات المتحدة لاستهداف المدنيين في المدن اليمنية والموانئ والبنى التحتية الحيوية، حسب تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، مستغلة هذا الاعتداء لتسويقه كإنجاز عسكري، إلا أن استمرار العمليات اليمنية أفشل كل محاولات الدعاية الأمريكية، وأظهر هشاشة التحالف وعمقه العسكري المحدود.

تفوق عملياتي وتكتيكي يمني ينتصر لغزة

على الجانب الآخر، أبرزت العمليات اليمنية الانتصار الميداني الكامل للقوات المسلحة، الذي لم يقتصر على تحقيق أهداف تكتيكية، بل امتد إلى فرض سيطرة استراتيجية على البحر الأحمر وخليج عدن. فقد نفذت القوات اليمنية ضربات متكررة على حاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية، وفق بيانات رسمية للقوات المسلحة اليمنية، واستمرت العمليات طوال الفترة بين نوفمبر 2023 ويناير 2025، مما أدى إلى انسحاب بعض السفن الأمريكية بالكامل، وهو اعتراف رسمي بالهزيمة أمام التخطيط العسكري اليمني المحكم.

كما أثرت الهجمات اليمنية على الملاحة التجارية الدولية، إذ أُجبرت شركات الشحن على تحويل مساراتها لتجنب المرور عبر البحر الأحمر، وهو ما وثقته تقارير رسمية وتحليلات خبراء الأمن البحري. هذا الواقع أكد فشل التحالف في فرض أي “ممر آمن” للسفن الأمريكية أو التجارية، وعكس التفوق العملياتي للقوات اليمنية وقدرتها على التحكم في المعادلة العسكرية والاقتصادية في المنطقة.

إضافة إلى ذلك، استمرت العمليات اليمنية لدعم غزة والمساندة المباشرة للشعب الفلسطيني، ما عزز موقف اليمن على الصعيد الدولي، وأظهر صلابة القرار الوطني وقدرة صنعاء على فرض إرادتها رغم كل الضغوط الأمريكية والغربية. وبذلك، أصبح البحر الأحمر ساحة انتصار استراتيجي وعملي للقوات المسلحة اليمنية، وهزيمة كاملة للتحالف العدواني، مؤكداً أن أي رهان على القوة العسكرية الأمريكية كان مجرد وهم، وأن اليمن أثبت قدرته على الدفاع عن شعبه ودعم المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان الدولي المستمر.

اليمن يقلب الموازين نصرة لغزة

أثبت اليمنيون أن قوة الأمة لا تقاس بالمعدات وحدها، بل بالثبات على المبادئ الدينية والثقافة الجهادية التي تسلّحوا بها في مواجهة الغطرسة الأمريكية والصهيونية. هذه القوة الروحية والإيمانية أجبرت أعتى التحالفات العسكرية على الانسحاب من البحر الأحمر، وكشفت هشاشة المشروع الأمريكي، مؤكدة أن المظلومية الفلسطينية لن تُقهر إلا بصمود المؤمنين ووفائهم للحق، وأن الدفاع عن القدس وغزة واجب يتجاوز حدود القوة المادية إلى عمق القيم والمبادئ.

وفي الوقت نفسه، أظهرت العمليات اليمنية المستمرة ضد التحالف الأمريكي والصهيوني أن الانتصار العسكري والسياسي مرتبط بالثبات على الحق والعدالة، حيث فشلت كل محاولات واشنطن لتغطية هزيمتها بالاعتداء على المدنيين، وفرضت القوات المسلحة اليمنية معادلة جديدة نصرة لغزة، تجمع بين التخطيط العسكري الدقيق والبعد الإيماني العميق، مبيّنة أن المبادئ والقيم الحقة يمكن أن تصنع الانتصار أمام أقوى القوى العالمية حين تتحول إلى إرادة فعلية على الأرض.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى